نتناول في
هذه الحلقة دور الشيخ في المجال الدعوى من خلال المحاور التالية : أسلوبه في نشر الدعوة
و جهوده في اصلاح المجتمع وثم مواقفه من العادات والتقاليد المحلية .
توطئة : قال تعالى: (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل
صالحاً وقال إنني من المسلمين)، هذه الآية تبيّن وصف الله لمن قامَ بواجب الدعوة إلى
دين الله سُبحانهُ وتعالى بأنّ قولهُ من أفضل القول وأحسنه وخصوصاً حين يعقب هذا القول
عملاً صالحاً يُصدّق القول ويكون عليه دليلاً، وإذا بحثنا في الأدلّة الشرعيّة التي
تتحدّث عن الدعوة إلى الله سُبحانهُ وتعالى لرأيناها جميعاً تحضّ على الدعوة ، وتجعل
الخير في الأمّة التي تدعو إلى سبيل ربّها ودينهِ القويم، والدعوة إلى الله ينبغي أن
يتمّ التأصيل لها شرعاً؛ بحيث تكون مُنضبطةً بقواعد ثابتة نستقيها من سيرة النبيّ المُصطفى
عليه الصلاة والسلام، ومن دعوات الصحابة والتابعين والصالحين من سلف الأمّة عليهم رضوان
الله تعالى.1
دوره في نشر الدعوة:
منذ أن بدأ وأختار
طريق العلم بدأ بالتوازي معه الدعوة
إلى الله من خلال تقديم المواعظ والمحاضرات و خطب الجمعة و تنظيم رحلات دعوية ، وخاصة بين أهله وعشيرته التي كانت في امسّ الحاجة الى مثل ذلك المناشط الدعوية .
ب. أسلوبه في نشر الدعوة : كان للشيخ أساليب مختلفة
استطاع من خلالها أن يحبب الناس للخير والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ومنها:
1. الحكمة في اسلوب
الدعوة : الكثير من الدعاة وللأسف
يستخدمون أساليب قاسية وغير حكيمة لمن يدعون ، والحكمة بحد ذاتها أهم أسلوب أساليب الدعوة
الى الله حيث لا يمكن تصور نجاح أي أسلوب في الدعوة وهو عارمن الحكمة في
استخدامه ، لذلك دأب الشيخ أ ن يظل الداعية المدرك ما يجرى حوله مقدرا الظروف التي
يدعو فيها ومراعيا لمشاعر الناس وما تستهوى قلوبهم ملتزما بالتأني والحلم والبعد عن الطيش والاستعجال والأخذ بالأسباب الملائمة .
2 . التدرج في الدعوة: كان لطيفا مع مختلف شرائج المجتمع
يدعو الناس إلى الخير مع مراعاة التدرج
دون أن يفرض رأيه دفعة واحدة .
3. الترغيب والترهيب
: كانت من عاداته كما هو منهج
الصالحية في الأصل أن يلجأ كثيرا
الى أسلوب الترغيب كتقديم وجبات لمن يحضرون الجماعة في صلاة الصبح ، وتقديم هدايا نوعية لمن يواظب الدروس
والمحاضرات وتخفيف المهر لمن ينضم إلى الجماعة والدعوة .. الخ
الوسائل التي من شأنها أن تستميل
قلوب المستهدفين بحنكة ولطف ودون
حاجة إلى أي نوع من القسوة أو العنف . ولم
يخلو من أساليب الشيخ كذلك أسلوب الترهيب ووفقا لمبادئ الصالحية فالفرد
يعاقب اذا ارتكب مخالفات في اللوائح كخرقه للإجماع وتقصيره عن أداء الصلوات بالجماعة ، وغالبا ما يكون
الفرد على دراية تامة باللوائح والحزاءات
مسبقا .
ج .إصلاح المجتمع : بات الشيخ مؤمنا لفكرة إصلاح المجتمع فبل كل
شيء ، وساهم ذلك كثيرا من خلال وسائل
محورية :-
·
توعية الناس
وحثهم بالخير
·
مخاطية
الجماهير وتقديم محاضرات عامة لهم
·
إصلاح ذات
البين
·
الحد من انتشار
الصراعات القبلية ونشر ثقافة التسامح .
· تقنين الأحوال الشخصية وفق الشريعة الاسلامية
والإفتاء لهم في أمور دينهم .
·
نشر روح
الجماعة بين الناس والتعاون على البر والتقوى .
·
محارية البدع
المخالفة للإسلام ،وتكريس المعاني النبيلة
للإسلام من خلال القدوة .
·
إحياء
الشعائر الاسلامية في المجتمعات النائية .
د . مواقفه من العادات والتقاليد: بطبيعة الحال
لكل قوم عادات وثقافات خاصة منها ما يوافق الشريعة الاسلامية ومنها ما ينافض كالحال في العرب القديم ، فعندما جاء
الاسلام اقر الجزء المتوافق مع تعاليمه ،
وانكر الجزء الأخر المتنافي مع قيمه، وأحيانا هذّب بعض عادات القوم لتكون متناغمة مع روح الشريعة
. وهو المبدأ نفسه الذى تعامل الشيخ
مع العادات والتقاليد في المجتمعات الصومالية ،حيث حارب العادات المنكرة
المتنافية مع قيم الاسلام ومقرا العادات
الحميدة.
فعلى سيبل المثال لا الحصر : عادتَي: (التر) و(التوكسي)
وهما من العادات التي تمارس في جنوب الصومال خاصة قبيلة الشيخ قبيلة (جري) حارب الشيخ الاولى لما تحوى من مخالفات
شرعية كالاختلاط والفحش ونحوه ، في حين أقر
بالثانية لأنها مجرد طقوس وتقاليد لانتتافي مع
الشريعة الاسلامية .
ومن باب ان نقرب الصورة لذهنية القارئ فقط عادة التوكسي :هي عبارة عن رقصات شعبية تعبر دائما
عن البهجة والفرحة والمشاعر الجميلة، وغالبا ما تقام هذه الرقصة عند الانفراج كالخروج
من الحرب بالنصر، وإنجاب ثلة أولاد ذكور لفخذ من العشيرة2. وقد تقام بمناسبة دعاء للعشيرة
أو ختم للقرآن.
وأما طريقة رقصها هي أن الكبار من أفراد العشيرة يصطفون صفا
واحدا، وغالبا ما يكون احتراما لمقامهم يصطف الكهول والشبان صفا محاذيا له فيبدأ الأكبر
سنا الرقص ومن هنا يتوالى الرقص مع ترديد جماعي بعبارة (ليبان واهو) والتي تعني (ها
هو الفلاح) بصورة جماعية وبصوت مرتفع، وتختص هذه الرقصة بالذكور فقط، ولا توجد قصائد
شعرية إذ يكتفي الراقصون عند إقامتها بالرقص وترديد العبارة المذكورة حتى تختلط الصفوف
ويختلط الكبار بالصغار لتعكس توحدا وانسجاما فيما بينهم، فعندئذ يختم الأكبر منهم كما
بدأها أول مرة وقد يكون الختم إما بالدعاء أو التوجيهات والإرشادات.3
أما عادة (التر)فهى تختلف تماما عن نظيرتها “التو
كسي”إذ تقام عادة (التر) في مواسم الرخاء ومناسبات الأعياد، ولا يمارسها إلا من هو
في مقتبل عمره وعنفوان شبابه، ولعل مرد ذلك ما تحمله من بعد رومانسي لا يتحمس له الكبار
غالبا. فطريقة رقصها هي أن تجتمع فئة من الشباب في موقع يتم الاتفاق عليه مسبقا، ويكون
في أغلب الأحيان موقعاً نائي عن السكنات أو تحت الأشجار الوارفة الظلال، كما أنها يُفَضَّل
أن تكون في عتمة الليل لا سيما النصف الأخير منه، لأن الشباب ينشغلون في النهار برعاية
مواشيهم وحرث مزارعهم ، فيسارعون لممارستها بعد العتمة، ولطالما تم الاتفاق على الموقع
والزمن قد تم مسبقاً ،فإن أي شاب يتجه إلى الموقع وهو ينشد أبياتاً شعرية تجسد معاني
رقيقة يرددها حتى يصل إلى المكان المحدد، فما أن تكاد الأصوات تتهافت إلا ويتحمس الشبان
(أعني الذكور والإناث) فيصطفون على شكل حلقة دائرية ويكون هناك منسق عام لسير الرقصة
وهو يديرها بصورة دقيقة، فيأمر الشاعر المرموق -أفيال- وفي بعض المناطق –أفمال- أن يبدأ سرد أبيات شعرية ربما من قصائد ألفها من
قبل أو يؤلفها في تلك الحالة حسب موهبته الشعرية واستطاعته لمواكبة المناسبة شريطة
أن لا يخرج من الإطار والمشاعر الرقيقة والجميلة؛ فيسرد الشاعر (أفيال) أبياته بصوت
عال وواضح وعند نهاية كل بيت يردد مرتين أو ثلاثا أو أكثر، و تردد معه فرقته الإنشادي،
وهذا كله دون أن يحدث أي حركة أو التفاتة لليمين أو الشمال، وما أن تنتهي قصيدة الشاعر
إلا ويبدأ الشبان الرقص بطريقة هادئة مع ترديد عبارة، بِي “BII” والتي لا يوجد
لها معنى حقيقي معين بقدر ما ترمز لإيقاع يشبه موسيقى للتفاهم، وحينئذ تتوسط فتاة الحلقة
مرتدية شالا فضفاضاً مترامي الأطراف، بحيث لا يعرفها إلا المنسق وأعوانه، وتدخل الفتاة
بخطوات هادئة، وبمجرد أن تتوسط الفتاة إلى داخل الحلقة يبدأ أفمال وأعوانه من الشعراء الأبيات ذات المصرع
القصير وبصوت أكثر هدوء ،وتتزايد سرعة الرقصة مع مرور الزمن، وكلما رقصت البنت بشدة
وسرعة كلما أثر ذلك إيجابا على سير الرقصة.
والجدير بالذكر
أن الرقصة عندما تزداد جمالا وأناقة وتناغما بين ممارسيها قد تؤدي إلى حالة من الشطح
يمكن أن تصل عند بعض الناس لدرجة غريبة يستخرج عندها سكيناً ويُقَطِّع به أجزاء من
جسده ولا يشعر بشيء من ذلك إلا بعد انتهاء الرقص، ويعود تاريخ هذه العادة إلى ما قبل
مئات السنين حسبما يتوارثها الأجيال كابرا عن كابر. 3
أهم المصادر والمراجع
:
1.موسوعة موضوع
: http://mawdoo3.com/%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%A9_%D8%A5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87.
2. يعد الشعب الصومالي من المجتمعات الذكورية رغم الوعى
المتزايد في الآونة الاخيرة حول المسألة .
3.محمد عمر حلني :. تاريخ الأعراف والتقاليد الاجتماعية في
الصومال ، رسالة ماجستير عير منشورة . جامعة أفريقيا العالمية ص 1009 /1010.
4. عادتَي التر والتوكسى – نطرة في الفلكلور الشعبي الصومالي
Tur iyo
tuugsi. مقال منشور في موقع مركز مقديشوا للبحوث
والدراسات نشرت بواسطة:آدم شيخ حسن 13 يونيو،
2015 .
http://mogadishucenter.com/2015/06/%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%AA%D9%8E%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%83%D8%B3%D9%89tur-iyo-tuugsi-%D9%86%D8%B7%D8%B1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84/.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق